الشيخ رحمه الله فيما اذكر عندما كنت طالبا بين يديه أيام التسعينات كان بارعا متضلعا بعلم الكلام صاحب حجة وبرهان وكان يلقينا مادة العقيدة والفقه الحنفي فكلما دخل إلينا نشعر ببالغ الفرحة والافتخار نظرا إلى مقامه من عمالقة المعهد وسندها الثاني بعد شيخ أشياخنا فضيلة الشيخ عبد الرزاق الحلبي عليه رعاية الله فكل واحد منا ينتظر الشيخ بفارغ الصبر وإن غاب عنا يوما فتلك كارثة ليس بعدها كارثة
شيخنا رحمه الله زاهد متواضع كريم جواد واذكر يوما أنه دخل إلينا كعادته لإلقاء الدروس وفي جيبه جملة من المال فقام يوزعها على الطلبة ولم يتفوه ببنت شفه عن سبب توزيعه وأما عن دروسه تحدث ولا حرج إذا أتى بالمثال بالفعل كان بليغا وإذا اتى بحجة وبرهان كأنها منزلة من رب العالمين أشياء لم نكد نسمعها من الآخرين رحم الله تلك الأيام ما كان أحلاها وأحلاها
أراد الله لي خيرا فاختار الشيخ ليكون مشرفا لي لإعداد البحث العلمي النهائي قبيل التخرج فاحتسبت في البداية أن القيامة قد قامت والناس محاسبون أمام ربهم وفي مقدمتهم أنا الفقير هكذا لثقل المصاب الذي كنت اشعر فيه بقيت أياما بل أشهرا أذم نفسي وأعاتبه حتى يفرج الله عني فأيقنت أن مصيري الجنة لا محالة عدت إلى الشيخ لأول مرة مطلعا إياه عن نفسي والأعمال التي قمت به فرد قائلا الله يفتح يا ابني اعمل ما بدا لك ثم راجعني فيه وكنا وقتئذ مارين على الرصيف
قمت بإطلاعه على مستجدات البحث بعض الحين فاستقرأني لبعض ما كتبت ثم أرشدني بإصلاح بعض المواضع المهمة مع إبداء رأيه فيه وفي الختام سلمت له النسخة ونجحني فيه وإن كنت على يقين أنني لم استحق كل النجاح رحم الله شيخنا رحمة واسعة ولله در القائل
فالموت حتم فلا تغفل وكن حذرا من الفجاءة وادع للذي عبرا